في الوقت الذي أصبحت فيه المستشفيات ملاذًا للشفاء إلا أن هناك تحديًا خفيًا يهدد صحة المرضى، قد يحول في لحظة المستشفيات إلى ساحة معركة خفية ضد كائنات مجهرية لا تُرى بالعين المجردة، وعلى الرغم من التقدم الكبير في الرعاية الصحية ولكن لا تزال العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية (HAIs) تشكل تحديًا كبيرًا للمستشفيات حول العالم فهي ليست مجرد مشكلة طبية تؤدي إلى ارتفاع معدلات المرض والوفاة بين المرضى، بل تمثل عبئًا اقتصاديًا على الأنظمة الصحية.
قد لا تبدو الأسطح النظيفة ظاهريًا آمنة تمامًا إذ تستطيع الكائنات الحية الدقيقة البقاء عليها لفترات طويلة مما يجعلها مصادر خطيرة للعدوى، هذه العدوى (HAIs) التي تحدث في بيئات يفترض أن تكون معقمة تشكل عبئًا ثقيلًا على أثقال الأنظمة الصحية، حيث تنتقل الميكروبات بسهولة من الأسطح المحيطة إلى المرضى، فكيف يمكن التغلب على هذه الكائنات المسببة للمرض والتي تتسلل خفية داخل غرف المستشفيات؟
بالمقابل تظهر أيونات الفضة كواحدة من الحلول المبتكرة لمواجهة هذه العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الفضة تمتلك خصائص مضادة للميكروبات قوية مما يجعلها قادرة على تقليل مستويات التلوث البكتيري بشكل ملحوظ، فمنذ العصور القديمة كانت الفضة تستخدم كعامل طبيعي مضاد للبكتيريا والآن تعود هذه التقنية بحيلة جديدة من خلال تطبيقها في طلاءات سطحية مضادة للبكتيريا في المستشفيات، يساعد هذا النوع من الطلاءات على منع انتشار الميكروبات وخاصة على الأسطح التي تتعرض للاستخدام المتكرر، حيث أثبتت التجارب أن استخدام أيونات الفضة يمكن أن يقلل من وجود البكتيريا الممرضة على الأسطح بنسبة تصل إلى 95٪، مما يجعلها أداة فعالة في المعركة ضد العدوى المكتسبة من المستشفيات.
التحديات المستمرة في مكافحة تلوث الأسطح البيئية بالمستشفيات ودورها في انتشار العدوى
كشفت دراسة تجريبية أجرتها مؤسسة Heart of England NHS Foundation Trust في المملكة المتحدة أن معالجة الأسطح بالفضة الأيونية يمكن أن تقلل من مستويات البكتيريا الملوثة في بيئات الرعاية الصحية بنسبة تصل إلى 95.8٪، ففي بيئة المستشفيات حيث النظافة والتعقيم اللذان يعدان في غاية الأهمية يمكن أن تكون الأسطح الخفية مليئة بمسببات الأمراض المميتة التي تبقى على قيد الحياة لفترات طويلة، بعض هذه الكائنات الحية الدقيقة مثل المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA) وAcinetobacter spp، وPseudomonas aeruginosa، من بين أخطر المسببات التي يمكنها البقاء على الأسطح غير الحية لعدة أشهر، وعلى الرغم من ذلك لا يكمن التحدي فقط في قدرة هذه الكائنات على البقاء بل في العوامل المتعددة التي تؤثر على بقائها وانتشارها مثل طبيعة السطح، ظروف الرطوبة، درجة الحرارة، وفعالية طرق التنظيف والتطهير، وتتفاوت مدة بقاء الكائنات الحية الدقيقة على الأسطح غير الحية حيث يمكن لبعضها العيش لفترات طويلة مما يزيد من خطر انتقال العدوى، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد حول دور البيئة في انتشار العدوى تظل الأدلة العلمية محدودة بسبب قلة الدراسات التجريبية التي تربط بين التلوث البيئي وحالات العدوى المكتسبة في المستشفيات.
إن الاعتماد على الطرق التقليدية في التنظيف، مثل استخدام الماء والمنظفات والمطهرات غالبًا ما يكون غير كافٍ لضمان القضاء الكامل على الميكروبات حتى عندما يبدو السطح نظيفًا، حيث كشفت العديد من الاختبارات الدقيقة في كثير من الأحيان عن بقايا عضوية ومسببات الأمراض برغم التنظيف الظاهري، بالإضافة إلى ذلك فإن فعالية عملية التنظيف تعتمد بشكل كبير على استخدام المطهرات بطريقة صحيحة ودقة في التنفيذ.
وفي ظل تقليص الميزانيات المخصصة للرعاية الصحية تتأثر بروتوكولات النظافة سلبًا مما يؤدي إلى أن تصبح الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر خزانات للميكروبات، وهذا بدوره يزيد من احتمالية انتقال العدوى بين العاملين في الرعاية الصحية والمرضى والزوار، ويجعل من الضروري البحث عن حلول أكثر فعالية لتقليل هذا الخطر.
فعالية طلاءات أيونات الفضة المضادة للميكروبات في تقليل تلوث الأسطح في بيئات الرعاية الصحية
في سعي مستمر لتحسين معايير النظافة وتقليل خطر العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية يتجه البحث نحو تطوير الطلاءات السطحية المضادة للميكروبات، هذه الابتكارات تتجاوز الأساليب التقليدية وتقدم حلولاً محتملة للتعامل مع التلوث البيئي في بيئات الرعاية الصحية، فالطلاءات المضادة للميكروبات خاصة تلك التي تحتوي على أيونات الفضة توفر وسيلة جديدة ومبشرة لتحسين مستوى النظافة في المستشفيات، حيث يمكنها تقليل أعداد الميكروبات بفعالية مقارنة بالأسطح غير المعالجة، وقد أظهرت الدراسات أن الطلاءات المضادة للميكروبات تلعب دورًا هامًا في تقليل التلوث على الأسطح في البيئات السريرية، فمثلا على سبيل المثال أثبتت الأبحاث أن المعادن ذات الخصائص الحيوية مثل الفضة تمتلك القدرة على تقليل أعداد البكتيريا بشكل فعال، وقد كشفت دراسة تجريبية أجرتها مؤسسة Heart of England NHS Foundation Trust أن الأسطح المعالجة بأيونات الفضة يمكن أن تقلل من مستويات البكتيريا في بيئات الرعاية الصحية بنسبة تصل إلى 95.8% تتضمن هذه الدراسة استخدام طلاءات تحتوي على طين نانوي مدمج مع أيونات الفضة، مما يضمن توزيعًا متساويًا للنشاط المضاد للميكروبات عبر الأسطح، وقد تم تطبيق هذه الطلاءات على أسطح مختلفة في وحدة العناية بعد الجراحة (PACU) وجرى مقارنتها بأسطح غير معالجة لتقييم فعاليتها.
تقييم فعالية الطلاءات المضادة للميكروبات المحتوية على أيونات الفضة في خفض تلوث الأسطح في وحدة العناية بعد الجراحة
في سياق مكافحة العدوى في المستشفيات يعد تحسين فعالية الطلاءات المضادة للميكروبات خطوة حيوية نحو تعزيز معايير النظافة وتقليل خطر العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية، حيث تبين الدراسة التجريبية التي أجريت على الأسطح في وحدة العناية بعد الجراحة كيف يمكن للطلاءات المحتوية على أيونات الفضة أن تحدث فرقًا كبيرًا، من خلال مقارنة بين الأسطح المعالجة وأخرى غير معالجة، سعت الدراسة إلى تحديد مدى قدرة هذه الطلاءات على تقليل تلوث الأسطح وتحسين بيئة الرعاية الصحية وجاءت الدراسة كالتالي:
- الدراسة شملت: مقارنة بين الأسطح المعالجة بطلاء مضاد للميكروبات والأسطح غير المعالجة، تمت متابعة الأسطح في وحدة العناية بعد الجراحة لمدة 3 أشهر.
- نتائج الدراسة: الأسطح المعالجة أظهرت نسبة تلوث أقل مقارنة بالأسطح غير المعالجة، كما أن التلوث كان أعلى على الأسطح الملساء مقارنة بالأسطح الخشنة، بالإضافة إلى أن فعالية الطلاءات كانت أكثر عند استخدام الأسطوانة مقارنة بالرش.
- تحليل التلوث: الأسطح المعالجة أظهرت تلوثًا أقل مقارنة بالأسطح غير المعالجة، مع ملاحظة أن العينات من الأسابيع الأولى كانت أكثر عرضة للتلوث مقارنةً بالفترة النهائية.
تقدم هذه الدراسة أدلة قوية على فعالية الطلاءات المضادة للميكروبات وخاصة تلك المحتوية على أيونات الفضة في تقليل تلوث الأسطح في بيئات الرعاية الصحية، قد تساهم هذه التكنولوجيا في تحسين معايير النظافة وتقليل خطر العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية، مما يوفر بيئة أكثر أمانًا للمرضى والعاملين في المجال الطبي.